|22|
تواجه ذلك، و طرق حل هذه المشكلات.
و هو الجانب الذي استأثر باهتمام كاتب هذه السطور منذ ثماني عشرة سنة، و
حرص على أن يدرسه بدقة و عمق، ويلمّ بكل ما كتب حوله، و بما يدخل في
موضوعه من الفكر الحديث من جهة من الجهات، فجاء الكتاب الذي بين يديك
ثمرة من ثمرات هذا الجهد المتواصل طيلة هذه الأعوام، و كان الحافز الذي يدفعني
بهذا الاتجاه يتمثل في عدة نقاط هي:
1. ان ما كُتب عن عالمية الاسلام عبارة عن اشارات عابرة و أفكار متناثرة و
محاولات جزئية، و لم أطّلع حتى هذه اللحظة على دراسة شاملة تتناول الأطروحة
العالمية في الاسلام من مختلف جوانبها العقائدية و التشريعية و التأريخية.
2. ان العالمية خصوصية جوهرية في الاسلام بحيث انّنا ليس بوسعنا أن
نتحدث عن مجتمع اسلامي و صحوة اسلامية و دولة اسلامية بالمعنى الكامل
للإسلام مالم يكن هذا المجتمع و الصحوة و الدولة عالمياً بالمفهوم الاسلامي
التوحيدي للعالمية.
3. ان القومية قد لعبت دوراً خطيراً في التأريخ الاسلامي الحديث، فهي التي
أسقطت الدولة العثمانية، و هي التي مهدت الطريق لظهور العلمانية، و هي التي
جزأت المسلمين و جعلتهم قوميات متصارعة تعتز كل منها بجاهليتها أكثر من
أعتزازها بإسلامها، و لم تبلغ الشيوعية و سائر الأفكار الهدامة التي دخلت محيط
المسلمين جزءاً يسيراً من المخاطر التي سببتها القومية لهم، و الطريق الوحيد
لمكافحة القومية و التغلب عليها يتمثل في إبراز المعنى العالمي في الاسلام و تركيزه
في فكر و مشاعر و عواطف و ثقافة المسلمين.
4. و رغم ان الغرب يرتكز على مفهوم القومية في حضارته إلا انّنا نشاهده في
بعض الفترات يرفع لا فتة العالمية من أجل بسط نفوذه على العالم، كما حصل ذلك
في العقدين الرابع و العاشر من القرن العشرين، و في مثل هذا الظرف يحتاج العالم