|124|
يكون بلا اساس مقبول، بل سيكون خرج هؤلاء على القانون مستنداً الى اساس
فلسفي صحيح، و هذا يعني ان القانون قد الزم نفسه بسقوط نفسه.
قد يقال في جواب هذا الاشكال: ان سقوط القانون سوف يكون اشد ضرراً على
هؤلاء من تقيدهم به، و حينئذ سيكون خروجهم عليه منافٍ لمصلحتهم، غير ان هذا
جواب صوري لا حقيقي، فإن المنفعة إذا كانت هي الاساس فإن هؤلاء سيقومون
بأجراء موازنة بين الضرر المترتب على تقيدهم بالقانون و الضرر المترتب على
خروجهم عليه، و سيأخذون حينئذ بالخيار الاقل ضرراً بالنسبة لهم، و كلما كان
هربهم من القانون اكثر نفعاً و اقل ضرراً من تقيدهم به سوف يكون ذلك السلوك
مستنداً الى اساس فلسفي صحيح، و سيعني ذلك ان القانون قد الزم نفسه بسقوط
نفسه في مثل هذه الحالة.
و هذا يعني بوضوح ان النظام الاجتماعي لايمكن ان يقام على اساس نفعي
مادي، و لابد من اقامته على اساس قيمي، و ذلك هو الذي نعبر عنه بالحق، و هو
الذي نتخذه مقياساً للحكم بالصحة او عدم الصحة على النظريات و المذاهب
الاجتماعية المختلفة.
إن المقياس للشيء لابد وان يكون اسمى منه، كما هي الاستعانة بالمسطرة في
رسم الخطوط، و قد رأينا ان المنفعة تضيق بمصالح بعض الافراد و هذا ما يجعلها
فاقدة للصفة القياسية بالنسبة الى النظام الاجتماعي، و كما ان الظرف لابد و ان
يكون اوسع من المظروف كذلك المقياس للشيء لابد وان يكون اوسع و اسمى منه.
ان المنفعة مقياس مادي، و لو كانت الحياة الاجتماعية مادية فقط لما صلحت
المنفعة في ان تكون مقياساً لها، لأنها سوف لاتكون اسمى منها، فكيف تكون
مقياساً لها و هي مركبة من نواحٍ مادية و معنوية معاً؟، ان الحقيقة المادية و المعنوية
المركبة للحياة الاجتماعية تستلزم مقياساً اسمى منها، و هو المقياس المعنوي
المشتق من قيم مطلقة لاتشوبها ناحية مادية، و هو المعبر عنه بالحقانية، فأيهما