|139|
القومية اضحت: «الهاً تضحى على مذبحه جميع مبادي الحق و العدل و الخير».[1]
و قد شرح الاستاذ «مود» الشرف و المجد القومي بقوله: «إن المجد القومي انما
يعني ان يكون الشعب يملك قوة يسلط بها رغبته و هواه على آخرين اذا
مسّتالحاجة ... فالشرف كما قال المستر - بلدون - عبارة عن قوة تنال الامة
بهاالمجد و الفخار و تستلفت اليها الانظار و تشغل الافكار، و معلوم ان هذه القوة
التي تنال الامة بها هذه الدرجة من الشرف انما تتوقف على قنابل نارية متفجرة و
مشعلة للنيران و على وفاء الشبان و ولاءهم للوطن، الذين يحبون القاء تلك القنابل
على المدن... فأرى ان الشعب يجب ان يعد همجياً و غير مهذب بالمقدار الذي
يملكه من الشرف...».[2]
و يقول عالم الاجتماع و الترلاكور: «من الخصائص الرئيسية للقومية حب الذات
و التقليل من شأن الآخرين و فقدان روح النقد الذاتي و عدم الشعور بالمسؤولية و
عدم رعاية جانب الانصاف. و لذلك تفقد القومية الرؤية الواقعية بالتدريخ ليسيطر
التصور الخيالي على المجتمع»[3]. و يقول جون هرمان راندال: «كان الفاشيست الا
يطاليون اول من فاخر بصراحة من جديد بالانانية المقدسة للدولة القومية».[4]
إن الأخاء الإنساني فضيلة ليس بإمكان البشرية الحياة بدونها، غير أن الاُخوّة لا
توجد إلّا ظلال الابوّة، فهل وجد أخوان من دون أب؟ و هكذا الاخوّة الإنسانية
العامة لا توجد ما لم تستشعر البشرية ابوّة السماء، و تذعن لهيمنة الخلّاق العظيم
عليها و تعمل على اساس التبعية له. و هذه هي العالمية التي يريدها الإسلام و
يسعى لتحقيقها.
و الفضيلة - كما مر آنفاً - لا تقاس بما تحقق من أهداف دنيوية و منافع مادية، و
(1). نظام الحكم في الاسلام/ ص57.
(2). ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين/ ص228.
(3). الاسلام و القومية/ ص78.
(4). تكوين العقل الحديث/ ج2/ ص411.