|157|
و يقول انور الجندي في شأنها ايضاً: «و قد أستمدت هذه الدعوة و جودها من
منطق مغلوط و من منطلق استعماري في الاساس هو ما أطلق عليه اسم رسالة
الرجل الابيض الى العالم الملون و الهدف الكامن من وراء هذه الدعوة هو سوق
الناس جميعاً الى الولاء و العبودية للسيادة الغربية الحاضرة...»[1].
ثم ينقل عن هنريك رالف عن كتابه (الانسانية و الوطنية) يقول فيه: «ان النزعة
الانسانية يجب ان لا يعتنقها الا الامم القوية، اما الامم الضعيفة فإن لم تستمسك
بمقوماتها الخاصة سحقتها الامم القوية...».[2]
و هكذا فالعولمة و حكاية القرية العالمية الواحدة طبعة جديدة من مشروع قديم
فحواه انترفع القومية القوية لا فتة باسمة عنوانها الانسانية و العالمية و حقيقتها
الهيمنة و السيطرة على الامم الضعيفة التي ليس بإمكانها النجاة من مخالب هذا
المشروع ما لم تتمسك بأصالتها و هويتها.
و في مواجهة هذا المشروع يقدّم الاسلام للعالم الاسلامي اعلى درجات
الاصالة و اكثرها حيوية كما يقدم بعداً عالمياً حقيقياً من شأنه ان يفضح العالمية
الزائفة التي يتمسح بها اصحاب هذا المشروع و يكشف زيفهم و خديعتهم.
طرح مركزية المسلمين في العالم
إن المشاكل العديدة التي عانى منها المسلمون في تأريخهم الحديث لا يمكن
حلها إلّا بقيام الوحدة الإسلامية و ظهورهم كقوة عظمى تقف في وجه التحديات
الاستكبارية. و لا سبيل للوصول إلى هذه القوة إلّا بإتكاء المسلمين على النظرة
العالمية في الإسلام . تلك النظرة التي تذيب كافة الفوارق الاقليمية و القومية و
تجمعهم في إطار واحد، و إذا ما تحقق هذا الهدف فسيكوّن المسلمون القوة الأولى
في العالم، ذلك إن الموقع الستراتيجي و العامل السياسي و القدرات الاقتصادية و
(1). الاسلام و الدعوات الهدامة/ص158.
(2). المصدر نفسه/ص159.