|168|
برعوا في العلوم الاسلامية و اصبحوا يمثلون القسم الاعظم من حملتها. و هذه
ظاهرة غير مألوفة فإن الفاتحين يجب ان يكونوا اكثر عطاءاً لثقافتهم من اهالي
البلاد المفتوحة الذين يتوقع منهم ان يدافعوا عن ثقافتهم القومية الخاصة بهم. فكيف
اهمل الفرس ثقافتهم الخاصة بهم و اصبحوا من ابرز حملة ثقافة الفاتحين؟، لقد
انفتحت الشخصية الفارسية على الاسلام انفتاحا نفسيا و فكريا كاملا، و لم تبقِ
على حجاب في اعماقها يفصلها عنه، مع ان ذلك يمثل عملية حضارية هي بالنسبة
للفرس اصعب بكثير مما هي للعرب و ذلك من جهتين:
الاولى: العنصرية الشديدة التى كانت تحكم النظرة الفارسية تجاه العرب و
بالعكس. بينما العرب لم يعانوا من حجاب قومي يمنعهم عن الاسلام.
الثانية: ان الفرس كانوا اهل حضارة و ثقافة و فلسفة و كان دخولهم فى الاسلام
يحتاج الى عمليتي هدم و بناء كاملتين. بينما الجاهيلة العربية لم تكن تمثل حضارة
و فلسفة، و لم يكن دخول العرب فى الاسلام يحتاج الا الى عملية هدم جزئية و
عملية بناء كاملة.
فما هو نوع القوة التي ازالت عن الفرس هاتين الصعوبتين الى الحد الذي جعلهم
مستعدين الى هجر حضارتهم و ثقافتهم و نظرتهم العنصرية الراسخة تجاه العرب و
الدفاع عن ثقافة الفاتحين بما في ذلك خدمة اللغة العربية اكثر من اهلها؟ هل هناك
سيف يستطيع أن يصنع ذلك ام هو سيف الحقيقة الاسلامية التي تشب جذوتها في
النفس منذ الوهلة الاولى للتعرف عليها.
و من الذي فتح بلاد الاندلس غير البربر الذين كانوا من ابرز من تثقف بالاسلام
و حرص عليه في شمال افريقية و بلاد الاندلس؟ فهل دخل البربر في الاسلام عن
طريق القوة؟ ام بفضل القدرة الانتشارية للاسلام؟.
و يمثل دخول اندونيسيا و مناطق اخرى من شرق و جنوب شرقي آسيا في
الاسلام عن طريق الدعاة من التجار المسلمين شاهد لانظير له على دين ذى قدرة